سورة آل عمران - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)}
{لَن تَنَالُواْ البر} أي لن تكونوا من الأبرار، ولن تنالوا البر الكامل {حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} من أموالكم ولما نزلت قال أبو طلحة: إنّ أحب أموالي إليّ بيرحاء، وإنها صدقة، وكان ابن عمر يتصدّق بالسكر ويقول: إني لأحبه.


{كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)}
{كُلُّ الطعام} الآية إخبار أن الأطعمة كانت حلالاً لبني إسرائيل {إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ} أبوهم يعقوب {على نَفْسِهِ} وهو لحم الإبل ولبنها، ثم حُرِّمت عليهم أنواع من الأطعمة كالشحوم وغيرها، عقوبة لهم على معاصيهم، وفيها رد عليهم في قولهم: إنهم على ملة إبراهيم عليه السلام، وأن الأشياء التي هي محرمة كانت محرمة على إبراهيم، وفيها دليل على جواز النسخ ووقوعه؛ لأن الله حرم عليهم تلك الأشياء بعد حلها، خلافاً لليهود في قولهم: إنّ النسخ محال على هذه الأشياء، وفيها معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لإخباره بذلك من غير تعلم من أحد، وسبب تحريم إسرائيل لحوم الإبل على نفسه أنه مرض، فنذر إن شفاه الله. أن يحرم أحب الطعام إليه شكرا ً لله وتقرّباً إليه، ويؤخذ من ذلك أنه يجوز للأنبياء أن يحرموا على أنفسهم باجتهادهم {فَأْتُواْ بالتوراة} تعجيزاً لليهود، وإقامة حجة عليهم، وروي أنهم لم يجسروا على إخراج التوراة {فَمَنِ افترى} أي: من زعم بعد هذا البيان أن الشحم وغيره، كان محرماً على بني إسرائيل قبل نزول التوراة فهو الظالم المكابر بالباطل {صَدَقَ الله} أي الأمر كما وصف، لا كما تكذبون أنتم. ففيه تعريض بكذبهم {فاتبعوا مِلَّةَ إبراهيم} إلزام لهم أن يسلموا، كما ثبت أن ملة الإسلام هي ملة إبراهيم التي لم يحرم فيها شيء مما هو محرم عليهم.


{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96)}
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ} أي أول مسجد بني في الأرض، وقد سأل أبو ذر النبي صلى الله عليه وسلم، أي مسجد بني أول؟ قال: المسجد الحرام، ثم بيت المقدس، وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: المعنى أنه أول بيت وضع مباركاً وهدى وقد كانت قبله بيوتاً {بِبَكَّةَ} قيل: هي مكة والباء بدل من الميم، وقيل: مكة الحرم كله، وبكة المسجد وما حوله {مُبَارَكاً} نصب على الحال والعامل فيه على قول عليّ: وضع {مُبَارَكاً} على أنه حال من الضمير الذي فيه، وعلى القول الأول: هو حال من الضمير المجرور. والعامل فيه العامل المجرور من معنى الاستقرار.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14